السبت، 30 مايو 2020

قرطاج المدينة والحضارة.

مدينة قرطاج



الموقع التاريخي

بقايا مدينة قرطاج
أسس قرطاج في سنة 814 قبل الميلاد جماعة من الفنيقيين أقبلوا من صور بقيادة أليسا أو ديدون أخت ملك صور, وضمت هذه الجماعة المواطنين الأغنياء الذين تحت وطأة أحداث سياسية أو اقتصادية نجهلها, ورافقوا الملكة نحو مدينة واضحة يقطنها صوريون منذ قرون.
المؤرخ الروماني إبيان القرن الثاني الميلادي أعطى وصف لمدينة قرطاج ووصفها بأنها أشبه ما أن تكون بالسفينة الراسية , فهي قد بنيت في شبه الجزيرة المحاطة بالبحر من ناحية, وبالبحيرتين من ناحية أخرى, الأمر الذي جعل وجهتها بحرية أكثر منها برية أفريقية وعلى أية حال فمدينة قرطاج إنما تعتبر نمودجا للمدينة القرطاجية التي تعبر عن التفكير والحياة القرطاجية, فضلا عن النشاط السياسي والاقتصادي في العصر القرطاجي.



موقعها الجغرافي


تقع قرطاج على بعد 16كيلومترا تقريبا من الشمال الشرقي لمدينة تونس المدينة الإفريقية الحالية, على شبه جزيرة واسعة, يحدها من الجنوب خليج تونس, ومن الشرق البجر, ومن الشمال بحيرة سوكرا المالحة والممتدة على الشاطئ. ويتصل شبه الجزيرة  هذا من الغرب بالقارة الإفريقية, وينتهي عند البحر بنتوء صخري ارتفاعه 150 مترا, وينقسم إلى قسمين شبه متساويين في الشمال سواحل مستوية, تحد سهلا واسعا وخصبا, قليل السكان في القديم, لكن تغطيه بساتين غناء وأراض زراعية.
وفي الجنوب الشرقي لهذا المرتفع الصخري الذي تقوم عليه في الوقت الحاضر قرية سيدي بوسعيد, يمتد سهل تتخلله الأودية الصغيرة, وثلاث تلال تغطيها الخرائب, هناك يقع قلب مدينة قرطاج.
صورة لتخطيط الأركيولوجي لمدينة قرطاجة 

العصر القرطاجي


_ مظاهر العصر القرطاجي:
يمتد هذا العصر نسبة إلى مدينة قرطاج من منتصف القرن السادس قبل الميلاد, حتى النصف الثاني من القرن الثاني قبل الميلاد, أي حتى سقوط قرطاج تحت الاحتلال الروماني عام 146 قبل الميلاد, وهذه الفترة القرطاجية تعتبر من أهم فترات التاريخ المغربي القديم, فضلا عن التاريخ الإفريقي وحوض الأبيض المتوسط.
_ سكان المغرب في العصر القرطاجي:
يذهب وارمنجتون إلى أن سكان المغرب في العصر القرطاجي من غير الفنيقيين ينقسم إلى تلات مجموعات رئيسية هي الموريون والنوميديون والجيتوليون:
1_الموريون: كانوا يعيشون في أقصى المغرب, فيما بين الأطلنط ومولكا ( وادي ملوية) أطلق على إقليمهم إسم ( موريتانبا ) وهو اسم أطلقه الرومان على مملكتين في المغرب, الواحدة: موريتانيا القيصرية , وتقع في المنطقة الغربية من الجزائر وعاصمتها شرشال. والأخرى: موريتانيا الطنجية, وعاصمتها طنجة طنجيس ومن قبل موريسيا وقد إمتد إسم موريتانيا بعد ذالك شرقا إلى ما وراء وادي شلف.
2_ النوميديون: وكانوا يعيشون بين الموريين وأقصى امتداد غربي للقرطاج في إقليم نوميديا هذا ورغم أن الإغريق والرومان إنما قد اشتقوا خطأ اسم النوميديين من كلمة يونانية بمعنى الرعاة ويعنون به وصف طريقتهم في الحياة أي حياة البدو الرحل .
3_ الجيتوليون ( الجدالة ): وهو الاسم الذي أطلق على الرعاة الحقيقيين على طول حواف الصحراء الشمالية.

مناخ مدينة قرطاجة


مناخ قرطاج معتدل حار, ويوفر هذا المناخ لقرطاج مزروعات متوسطية, كالحبوب والزيتون والخضر وغيرها, ومعدل سقوط الأمطار يبلغ ثمانين يوما في السنة مما يجعل مناخها صحيا وقليل الرطوبة, وفي غالب الأحيان تتعرض منطقة قرطاج لريح شمالية غربية, كما أن نسيم البحر يخفف من وطأة السموم عند هبوبها.

الثروة الحيوانية


تنوعت الثؤوة الحيوانية, وكثرت الحيونات المفترسة كالأسد والضبع وابن أوى, فكانت مصدر غنى لقرطاج حيث يقصى عليها لتستخدم في ألعاب السيرك, ونجد في الحقبة البونية الزرافة وفرس البحر والفيل والنعامة ونؤكد لنا النصوص أن جوار المدينة كان من المناطق الزاخرة بالطرائد, وما يثبث أقوال المؤلفين القدماء تلك الألواح النقوشية التي تمثل الأرانب والحجل والسماني ودجاجة الماء ولم يعرف القرطاجيون الجمل, بينما راحوا يربون بأعداد كبيرة الحصان النوميدي الأصل والحمار والبغل والثور والعنزة وخاصة الخروف, وكثرة الأسماك على شواطئ منطقة قرطاج.

ميناء قرطاج


وكان لقرطاج ميناء صناعي مزدوج أعد إعداد جيدا, فأما الميناء الخارجي فكان لاستخدام السفن التجارية وإن كنا لا نعرف عدد السفن التي يمكن إستخدامه, وأما الداخلي فكانت به أرصفة وأحواض تتسع لمائتين وعشرين سفينة حربية, هذا فضلا عن مبنى للمراقبة بصل إرتفاعه إلى درجة تكفي للرؤية.

الأسوار


أسوار مدينة قرطاج ترجع إلى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد هائلة الحجم, الأمر الذي مكنها من الصمود لكل هجوم بما فيه الروماني الأخير عام 146ق.م, وكان طول الأسوار بما في ذالك المسافة المطلة على البحر حوالي 22 ميلا, وارتفاع القطاع الحاسم لمسافة ميلين ونصف الميل عبر برزخ قرطاجة أربعين قدما, وسمكه ثلاثين قدما, ولم تقتصر مهمة هذا السور فقط على الحماية فقط وإنما كانت جدران الأسوار الضخمة تستخدم بعد تجهيزها لاحتياجات الأساسية كثكنات وإسطبلات ذات أسوار سفلية وعلوية, وكان الدور السفلي يسع 300 فيلا, ويسع العلوي 40000 حصانا, وجهزت الأرضية المنحدرة بحيث تساعد على نزول وصعود هذه الحيونات, وتتسع الثكنات لحوالي 20000 جندي من المشاة, وأربعة الاف من الفرسان, هذا فضلا عن حفر خندق كبير يبلغ عرضه عشرين مترا لزيادة تحصين المدينة, وهذا ما جعل وسائل الدفاع عن قرطاج في غاية القوة وأقيمت قلعة داخلية, مكانها الأن كنيسة لويس التاسع, ويحيط بها سور كبير طوله حوالي 3 كيلا وهو بلا شك أقدم جزء في المدينة.

الجيش القرطاجي


أنشأت قوة حربية برية وبحرية للدفاع عن الدولة, ففي القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد فصلات قيادة القوة المسلحة فصلا تاما عن الوظائف الأخرى, وكان القواد يعينون فقط في حالة الضرورة, وكمكملات محددة الجهة والهدف, بحيث لم يكن للدولة جبش ثابت يتطلب قائدا دائما.
كما كان لهم أسطولهم القوي والذي كان يمثل قوة لدفاع فضلا عن الهجوم فضلا عن درايتهم العملية ببناء السفن وتجهيزها , وقدرة على التكتيك الحربي السريع أثناء المعارك البحرية وكل هذه الأمور قد أتاحت لهم السيادة البحرية إلى حد كبير.

التنظيم السياسي في قرطاج


مر عبر ثلاث مراحل:
_ المرحلة الأولى: مرحلة الملكية, واستمرت حتى العصر الهلينيستي. وكانت هذه الملكية في بدايتها أمرها عن طريق الإنتخاب وليست وراتية, فكان الملك القرطاجي يختار من الطبقة الأرستقراطية, ذات المال والجاه الموثين.
_ المرحلة الثانية: خلال القرن الخامس قبل الميلاد حدث تطور أدى في النهاية إلى تناقض قوة الملوك نتيجة لتغير النظم الاقتصادية وظهور طبقة جديدة في المجتمع القرطاجي, وهي طبقة ملاك الأراضي الزراعية وبدأت عوامل التنافس الاقتصادي على الثروة والتنافس السياسي على الحكم ونجحت في الأخير من الإستحواد على تلك السلطة وانتزاعها من الأسرة الماجوية.
_ المرحلة الثالثة: القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد وتركزت فيها السيادة السياسية لأسرة برقة, وجمعت هذه المرحلة الثالثة بين سلطة برقة وسلطات مجلس الشيوخ والمجالس الأخرة الخاصة بالشؤون المالية والدينية كالمجلس الثلاثيني ومجلس العشرة.

المصادر:
 كتاب قرطاجة الحضارة والتاريخ ترجمة يوسف,الطبعة الأولى, الطبع والنشر دارطلاس ببدراسات والترحمة والنشر .
 كتاب تاريخ قرطاج مادلين هورس ميدان, ترجمة إبراهيم بالش, الطبع والنشر دار منشورات عويدات بيروت_ باريس الطبعة الأولى 1981.
 كتاب تاريخ المغرب العصر القديم والعصر الوسيط, عبد العزيز بنعبد الله, النشر والتوزيع مكتبة السلام بالداؤ البيضاؤ, مكتبة المعارف بالرباط.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق